top of page

أعظم فتنة على وجه الأرض - القصة الكاملة للمسيح الدجّال وقصّة ابن الصيّاد


لا يخفى علينا جميعاً أننا نعيش في زمانٍ كثرت فيه الفتن التي تسوّق لنا على مدار اليوم وسبعة أيامٍ في الأسبوع، وذلك كان سبباً كافياً لكي نظنّ أنّ علامات الساعة الصغرى قد شارف على انتهاءها، ونحن الآن في مرحلة بداية علامات الساعة الكبرى وما تحويه من مفاجآتٍ كثيرة وفتنٍ عظيمة. من أعظم هذه الفتن هي فتنة المسيح الدجّال أو الأعور الدجّال، والذي تمّ ذكره في الديانات السماويّة الثلاث لما لهذه الفتنة من آثار كبيرة ملموسة وتؤثّر على البشريّة جمعاء، سوف نستعرض معكم في سياق هذا المقال تفاصيل هذه الفتنة العظيمة، ونتناولها باختصار كما وردت في الديانتين اليهوديّة والمسيحيّة، ونتعمق بذكرها في الديانة الإسلاميّة التي تحوي تفاصيل أكثر وأدقّ عن المسيح الدجّال. أيضاً سوف نتطرّق إلى إجابة بعض الأسئلة العالقة في أذهان الكثيرين منّا مثل، من هو المسيح الدجال ؟ وما هي مواصفاته وما هو شكله ؟ لماذا سمّي بالمسيح وما علاقته بسيدنا عيسى عليه السلام ؟ ما سبب تحذير رسول الله من فتنة المسيح الدجّال ؟ ما قصّة ابن الصيّاد الذي التقى به النبي ؟ وما هي رحلة تميم الداري إلى جزيرة الدجّال ؟

سوف نُجيب بمشيئة الله على جميع هذه الأسئلة وأكثر بين جنبات هذا المقال خصوصاً السؤال الأهم، ما هي هيئته وهل حقّاً المسيح الدجّال موجودٌ بيننا الآن ؟

فتنة المسيح الدجال
صورة تعبيرية

المحتويات

  1. من هو المسيح الدجّال

  2. لماذا سمّي بالمسيح الدجّال

  3. المسيح الدجّال في الديانة اليهوديّة

  4. المسيح الدجّال في الديانة المسيحيّة

  5. المسيح الدجّال في الدين الإسلامي

  6. ابن الصيّاد وعلاقته بالمسيح الدجّال

  7. ماذا يسبق ظهور المسيح الدجّال

  8. فتن المسيح الدجال وما يفعله بعد ظهوره

  9. المؤمن الذي يتحدّى الدجّال

  10. نهاية المسيح الدجّال وموته


من هو المسيح الدجّال

المسيح الدجّال أو الأعور الدجّال هو لقب لرجل يخرج في آخر الزمان، أعطاه الله قُدراتٍ هائلة مثل شفاء المريض وإحياء الموتى -سوف نتطرّق إليها بالتفصيل لاحقاً-، كما أنّه مُيِّز بسرعته الخارقة، فيجوب جميع بقاع الأرض ناشراً فتنته معه ويعيث فيها فساداً أينما حل. يظهر المسيح الدجّال من جهة المشرق كما أشار رسول الله ﷺ، وبالتحديد من مدينة أصفهان في قريّةٍ يهوديّةٍ ويتبعه سبعون ألفاً من يهود الطيالسة، ومن خلال قدراته الخارجة عن الطبيعة، يتمكّن المسيح الدجّال من فتنة النّاس وإغوائهم، ويخرجهم عن ملّتهم ويتمادى في إضلالهم، فيتبعه عدد كبير جدّاً من ضعيفي الإيمان، فيكوّن جيشاً لا قِبَل لأحدٍ في مجابهته.


لا يوجد أدّق ولا أشمل من وصف رسول الله عليه الصلاة والسلام عن الدجّال، حديث رسول الله ﷺ عن المسيح الدجّال كما روي في صحيح الجامع للألباني:

قال الرسول ﷺ : ( يا أيها النّاس! إنّها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجّال، وإن الله عز وجل لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجّال، وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة. فإن يخرج وأنا بين أظهركم فأنا حجيج لكل مسلم، وإن يخرج من بعدي فكل امْرِئٍ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم. وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق، فيعيث يمينا وشمالا. يا عباد الله! أيها الناس! فاثبتوا فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه قبلي نبي. إنه يبدأ فيقول: "أنا نبي ولا نبي بعدي" ثم يثني فيقول: "أنا ربكم" ولا ترون ربكم حتى تموتوا، وإنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، وإنه مكتوب بين عينيه "كافر" يقرؤه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب. وإن من فتنته أن معه جنة ونارا، فناره جنة وجنته نار، فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ فواتح الكهف، فتكون بردا وسلاما كما كانت النار على إبراهيم. وإن من فتنته أن يقول للأعرابي: "أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك ؟" فيقول: "نعم" فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان: "يا بني اتبعه فإنه ربك". وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فيقتلها ينشرها بالمنشار حتى تلقى شقين ثم يقول: "انظروا إلى عبدي هذا فإني أبعثه" ثم يزعم أن له ربا غيري فيبعثه الله ويقول له الخبيث: "من ربك ؟" فيقول: "ربي الله وأنت عدو الله. أنت الدجال والله ما كنت قط أشد بصيرة بك مني اليوم". وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت. وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه فلا يبقى لهم سائمة إلا هلكت. وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه وأمده خواصر وأدره ضروعا. وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه إلا مكة والمدينة لا يأتيهما من نقب من أنقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة، حتى ينزل عند الضريب الأحمر عند منقطع السبخة، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فلا يبقى فيها منافق ولا منافقة إلا خرج إليه، فتنفي الخبيث منها كما ينفي الكير خبث الحديد، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص. قيل: فأين العرب يومئذ؟ قال: هم يومئذ قليل، وجلهم ببيت المقدس. وإمامهم رجل صالح. فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبح. فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدم عيسى، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له: "تقدم فصل فإنها لك أقيمت". فيصل بهم إمامهم فإذا انصرف قال عيسى: "افتحوا الباب" فيفتحون ووراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج. فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هاربا. ويقول عيسى: "إن لي فيك ضربة لن تسبقني" فيدركه عند باب لد الشرقي فيقتله، فيهزم الله اليهود فلا يبقى شيء مما خلق الله عز وجل يتواقى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة، إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق، إلا قال: "يا عبد الله المسلم. هذا يهودي فتعال اقتله". فيكون عيسى بن مريم في أمتي حكما عدلا وإماما مقسطا يدق الصليب ويذبح الخنزير ويضع الجزية ويترك الصدقة، فلا يسعى على شاة ولا بعير، وترفع الشحناء والتباغض، وتنزع حمة كل ذات حمة حتى يدخل الوليد يده في في الحية فلا تضره وتضر الوليدة الأسد فلا يضرها ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها وتسلب قريش ملكها وتكون الأرض كفاثور الفضة تنبت نباتها بعهد آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم يجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم ويكون الثور بكذا وكذا من المال ويكون الفرس بالدريهمات. قالوا: يا رسول الله وما يرخص الفرس ؟ قال: لا تركب لحرب أبدا قيل: فما يغلي الثور قال: تحرث الأرض كلها. وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد يأمر الله السماء السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها ثم يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء فلا يبقى ذات ظلف التهليل والتكبير والتحميد ويجزئ ذلك عليهم مجزأة الطعام)

لماذا سمّي بالمسيح الدجّال


العديد من النّاس اختلط عليهم الأمر في كلمة المسيح، فالبعض وللأسف قد أساء تفسيرها وادّعى أنّ له علاقةً بالمسيح سيّدنا عيسى عليه السلام، إلا أنّه مختلفٌ تماماً ولا يوجد أي روابط مشتركة بينهما، فالمسيح الدجّال رجلٌ ملعون وسيدنا عيسى نبيٌ من أولي العزم من الرُسُل، فلا يصح أن نجمع بينهما على الإطلاق -وجب التوضيح-. كلمة الدجّال في اللغة هي الرجل شديد الكَذب، وهي أشدّ من معنى كذّاب، وذلك لكثرة كذبه وقوّة فتنته. أمّا فيما يخص لقب المسيح، فلا يوجد أنسب من الإمام الرازي في كتابه تفسير الكبير ليخبرنا عن معناها:

"وأمّا المسيح الدجّال فإنّما سُمّي مسيحاً لأحد وجهين أولهما: لأنّه ممسوح العين اليمنى، وثانيهما: لأنّه يمسح الأرض أي يقطعها في زمن قصير لهذا قيل لهُ: دجّال لضربهِ في الأرض وقطعهِ أكثر نواحيها، وقيل سُمّي دجّالاً من قوله: دَجَلَ الرجلُ إذا مَوَّه ولبَّس". الإمام الرازي، تفسير كبير

المسيح الدجّال في الديانة اليهوديّة


يختلف الأمر حول ما هيّة المسيح الدجّال أو الأعور الدجّال في الديانة اليهوديّة عنها في الديانتين المسيحيّة والإسلاميّة، حيث يعتبر اليهود أنّ المسيح الدجّال هو مخلّصهم المزعوم، والذي بظهوره سوف يَملكون العالم ويحكموه، ويغدق عليهم بالأموال الكثي